الذكرى العاشرة للثورة التونسية.. احتجاج مكتوب مسموع

تونس في 14 جانفي 2021

’’ تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم‘‘، هكذا تُرجمت الثورة التونسية في كلمات أحد أهم النصوص التي أسست لأبعادها ضمن الفصل الواحد والعشرون من الباب الثاني من دستور الجمهورية الثانية. لكن البؤس يُحاك كلّ يومٍ في جينات الأوطان التي عاشت تحت الإستبداد، وعلى الرغم من أننا نستقبل ذكرى الثورة التونسية التي كان شعبها يطمح للتقدم بها ومن خلالها، إلاّ أننا نجد أنفسنا تحت وطأة الوباء الذي كَشفَ عن الوهن الحقيقي للخيارات السياسية التي لم تُعنَ يومًا بتقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية من صحة وتعليم وإعداد للبنية التحتية وخلق لمواطن شغل وتحقيقًا للكرامة الإنسانية.

عشر سنوات كانت كفيلة بأن تقود جزءًا مهمًا من الوعي الشبابي نحو الإلمام أكثر بأهم القضايا الكونية. إننا اليوم في هذا الظرف الصعب واعون وواعيات بأن المآسي والظلم لا يمكن فصلهم عن تجارب الإنسانية قاطبة، وإنما فهمها يكمنُ في فهم تقاطع القضية الإيكولوجية الطارئة والعنف المسلط على الأقليات والنساء ومجتمع ال “م، ع”، وعلى من سحقتهم/ن سياسات الرأسمالية المتوحشة، والذين واللواتي هجروا وهجرنَّ وعذبوا وعذبن من قبل النُظم الاستبدادية بكلّ تمثلاتها العسكرية أو المختفية وراء الصورة المدنية. إنَّ تونس ليست بمعزلٍ عن كلّ هذا! نحن على وعي تام بأن قضايا كلّ الشعوب هي قضيتنا.

كيف نحيا الذكرى العاشرة للثورة التونسية؟
بكلّ سخظٍ وغضبٍ نرفع صوت من لا حناجر لهم ولهن، ونقول كفى فقرًا وتهميشا، كفى استهانةً بالوضع الصحي للأفراد، كفى عنفًا مسلطًا على مجموعات تسعى لإثبات وجودها، كفى تسويقًا وتطبيعا مع الهوموفوبيا والترانسوفوبيا، كفى تسامحًا وتقريظًا للميزوجينيا وإعلاءً من شأن النظرة الهيتيروباتريركية، كفى تحطيمًا لقلاع المعرفة وتشييدًا لسجون الجهل المعمم، كفى دعمًا للاستيطانات الاستعمارية المتوحشة والغاشمة.

عشر سنوات نريد أن نجدد فيهم لا فقط شعارات الثورة التونسية من شغلٍ وحرية وكرامة، بل سنؤسس فيها أيضًا نظرتنا الكونية من أجل المساواة والعدل بين كافة المواطنين والمواطنات ودعما للحريات والعمل على تجديد الحياة واقتلاع الظلم والفساد. أخطر الأوبئة على الإطلاق وعلى مرّ الحضارات والمحطات التاريخية المغيبة كانت السياسات المستبدة بسلطة السلاح والزجر والقمع. لكننا نريد العيش في مدينة أسمى من المدينة الفاضلة ذاتها، وذلك بتقاطعنا.

شارك: