يوم 28 جانفي 2024، قامت قوات الشرطة بمنع تجمع سلمي، كان بدعوة من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في إطار التضامن مع المناضلة الحقوقية، سهام بن سدرين السجينة منذ أوت 2024، والتي تخوض إضرابًا عن الطعام منذ 14 جانفي 2025 في مطالبة منها برفع المظلمة التي تتعرض لها على خلفية مهامها كرئيسة لهيئة الحقيقة والكرامة، حيث عمدت قوات الشرطة بمنطقة منوبة، وبقرار من الوالي، إلى إغلاق جميع المنافذ المؤدية إلى مبنى السجن المدني، وتعطيل مختلف وسائل النقل المؤدية نحو مكان الاحتجاج. كما ذكر عدد من الحاضرين في شهاداتهم لجمعية تقاطع، تعرضهم/ن إلى التفتيش لحظة بلوغهم الطريق المؤدية إلى مبنى السجن، وفحص هوياتهم/ن الشخصية، والسؤال عن سبب توجههم/ن إلى مكان السجن. كما تم منعهم/ن وإبلاغهم/ن بأنه لا يمكنهم/ن مواصلة طريقهم/ن، وعليهم/ن العودة من حيث أتوا دون أي مبرر لذلك.
من الجدير بالذكر أن مثل هذه الممارسات التي تهدف إلى قمع التجمعات والمظاهرات أصبحت روتينا يواجه مختلف التجمعات السلمية حيث تتعمد قوات الشرطة إغلاق جميع المنافذ المؤدية إلى أماكن التجمع لمنع وصول المتظاهرين إليها. في سياق تسعى في فيه سلطة الحكم إلى التضييق على مختلف الفضاءات الحرة وقمعها بمختلف وسائلها.
إذ تعتبر جمعية تقاطع أن ما جد مؤخرا من خطوة تشكل تعديًا واضحًا على الحق في التظاهر السلمي، لا يمكن فصله عن المظلمة التي تتعرض لها بن سهام بن سدرين، كما أنه يأتي في سياق سلسلة من الانتهاكات المستمرة للحق في التجمع السلمي، والتي تم توثيقها في احتجاجات سابقة، خاصة تلك المناهضة لسلطة الحكم.
هذا وتذكر تقاطع أن التظاهر السلمي حق أساسي، نص عليه الفصل 42 من دستور الجمهورية التونسية، “حرية الاجتماع والتظاهر السلميين مضمونة”. كما أنه حق يحميه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال المادة 20 التي تؤكد أن “لكل شخص الحق في التجمع السلمي والاجتماع”، كذلك المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي أكدت على الاعتراف بهذا الحق.
وتندد بخطورة ما تقوم به الدولة التونسية من تعامل مع الاحتجاجات ومختلف التجمعات السلمية، من منع غير مبرر وأساليب قمعية، حيث إنه لا توجد ضرورة حتمية تبرر منع السلطات للمواطنين من التجمع والتظاهر. وتشدد على ضرورة حماية الحق في التجمع السلمي من الانتهاكات المتكررة والتي أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة.
وتدعو جمعية تقاطع السلطات التونسية إلى الالتزام بتعهداتها الدستورية والدولية، واحترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها الحق في التظاهر السلمي. كما تؤكد أن اللجوء إلى أساليب القمع والمنع غير المبرر لا يزيد إلا في تعميق الأزمة السياسية والاجتماعية، ويهدد أسس دولة القانون والمؤسسات.
كما تحث الجمعية كافة القوى الحية من منظمات المجتمع المدني، والنشطاء الحقوقيين، والأحزاب السياسية، على التصدي لمثل هذه الانتهاكات، والدفاع عن الفضاءات الحرة باعتبارها مكسبًا ديمقراطيًا لا يمكن التنازل عنه.
مؤكدة أن الحق في التظاهر السلمي ليس مِنّةً من السلطة، بل هو حق أصيل لكل مواطن، ولا يمكن القبول بأي انتهاك لهذا الحق تحت أي ذريعة كانت.
©مصدر الصورة: موقع نواة