فصل العار, إرث الإستعمار

’’ اللواط أو المساحقة إذا لم يكن داخلا في أي صورة من الصور المقررة بالفصول المتقدمة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة ثلاثة أعوام ‘‘

يُعد الفصل 230 نصًا قانونيا تم سنهُ من قبل المستعمر الفرنسي في المجلة الجزائية التونسية سنة 1913، وهو فصل يُجرم العلاقات الجنسية بين أشخاص من نفس الجنس -حتى وإن كانت العلاقة التي بينهما بالتراضي. تصل عقوبة هذا الفصل إلى ثلاث سنوات سجن، ما يجعله انتهاكا خطيرا على الحريات الفردية ولا يحترم الحياة الخاصة للأفراد ويضعهم عرضة للهشاشة الاجتماعية وللتمييز، وإلى جانب تعارضه مع المعاهدات والمواثيق الدولية، حيث تنص المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (التي صادقت عليهما الدولة التونسية) على أنه لا يجوز أن يتعرض أي شخص على نحو تعسفي لتدخل في خصوصياته، أو شؤون أسرته، أو بيته، أو مراسلاته. كما يتعارض أيضا هذا الفصل مع الدستور التونسي لسنة 2022 في فصله عدد 22 الذي ينص على أن الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئ لهم. نَّ أسباب العيش الكريم، كما نص الفصل 26 من نفس المصدر على أن حرية الفرد مضمونة.

بالرجوع إلى الفصل 230 من المجلة الجزائية نلاحظ أنه ينطلق بالأساس من المجال الخاص الحميمي للأفراد، حيث يدل الروتين الأمني للتثبت من وجود جريمة “اللواط” أو “المساحقة” على الشك في مرحلة أولى، ثم التثبت من مدى حصول الفعل الجنسي (أي بالفحوصات الشرجية، بالدخول إلى الأجهزة الإلكترونية عنوتا، تفتيش محل السكن الخاص الخ…) وهو ما يجعل الأفراد مستهدفين/ت بالتدخلات التعسفية في مجال حياتهم/ن الخاصة.

تتعارض هذه الممارسات مع الفصل 25 الذي ينص على أن الدولة تحمي كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي، ولا تسقط جريمة التعذيب بالتقادم، الأمر الذي أقرته كل من المادتين 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث ينصان على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو الإحاطة من الكرامة…” وتضيف نفس المادة:” وعلى وجه الخصوص لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر”

يعد هذا الفصل فصلا قمعيا زجريا ينتهك كرامة الإنسان والذات البشرية ويهدد حياة الأفراد الخاصة ويتعارض مع الدستور التونسي – الذي يعد أعلى هرم للسلطة – ومع مختلف المعاهدات والمواثيق الدولية الرافضة للتمييز المبني على الميولات والاختيارات والتوجهات الجنسية للأفراد.

من الألم إلى الأمل.

شارك: