ملخص حول مراقبة الأداء الشرطي بالتجمعات السلمية بتونس العاصمة يوم 14 جانفي 2023

ملخص حول مراقبة الأداء الشرطي بالتجمعات السلمية بتونس العاصمة يوم 14 جانفي 2023

شهدت شوارع تونس العاصمة يوم 14 جانفي عددًا من التجمعات والتظاهرات السلمية من أجل إحياء الذكرى الثانية عشر للثورة التونسية واحتجاجا الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تعيشها تونس. وتأتي هذه التظاهرات بشارع الحبيب بورڨيبة وغيره من الشوارع المحاذية له إثر دعوة من المنظمات الحقوقية والأحزاب والحركات الاجتماعية وعدد من الحقوقيين والناشطين السياسيين، للتظاهر بشارع الحبيب بورقيبة تعبيرا عن رفضهم للمسار السياسي الذي تعيشه تونس منذ 25 جويلية 2021 وتنديدًا بالتضييقيات التي تقوم بها الدولة على منظومة الحقوق والحريات وتذكيرًا بمطالب الثورة التونسية.

ورغم إبداء السلطات التونسية موافقتها على هذه التجمعات حيث قامت بالموافقة [1]لمطالب خمسة أحزاب سياسية والهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية للتواجد بشارع الحبيب بورڨيبة. والترخيص لأنصار جبهة الخلاص بالتواجد بفضاء كومار في الجهة الأخرى من شوارع العاصمة. إلا أنها لم تتخل على نفس الممارسات التي تقع مع كل تجمع سلمي. حيث قامت وزارة الداخلية بتطويق كامل للشوارع والأنهج المؤدية لشارع الحبيب بورقية بالحواجز الحديدية عدد من دوريات الأمن ونقاط التفتيش. وذلك إضافة إلى نزول الرئيس قيس سعيد إلى شارع الحبيب بورڨيبة[2]  يوم الجمعة 13 جانفي 2023، وتوجيه خطاب إلى معارضيه ومنتقديه من منظمات المجتمع المدني والأحزاب مليئا بعبارات التخوين والتشويه ما كان قد يؤدي إلى مواجهات عنيفة في صفوف الموطنين [3]المتواجدين يوم 14 جانفي 2023.

صباح يوم 14 جانفي 2023 مع انطلاق توافد المحتجين في الساعة العاشرة صباحًا من مختلف أرجاء العاصمة، عاين فريق البحث الميداني لجمعية تقاطع على قوات الشرطة على منع عدد من المواطنين من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة من خلال إغلاق شارع بن خلدون، شارع 18 جانفي، شارع قرطاج، وشارع مرسيليا. وتطويق المدخل الرئيسي للحبيب بورڨيبة من جهة شارع محمد الخامس، شارع روما. ثم تفتيش الوافدين إلى العاصمة في محطات والمترو[4] وكل من أراد اجتياز الحواجز الحديدية للمرور والذهاب إلى مكان التجمع الرئيسي. مع سؤالهم حول وجهتهم وسبب تواجدهم بالعاصمة إن كانوا مع المتظاهرين أو لا. علاوة على هذا عاينت جمعية تقاطع عددا من ت الصادرة من رجال الشرطة تجاه المتظاهرين وهم في طريقهم إلى مكان التجمعات.

وذلك من خلال كمية الأسئلة التي يتعرض لها المواطنين عند الحواجز الحديدية. وهو ما عاينته جمعية تقاطع حيث رصدت منع 5 أشخاص في شارع مارسيليا من الدخول إلى شارع الحبيب بورڨيبة. علاوة على ما أكده الناشط السياسي ‘’وائل نوار” [5]حول منعه هو وعدد من المتظاهرين الذين كانوا أمام مقر البنك المركزي من الدخول إلى شارع محمد الخامس[6] ثم شارع الحبيب بورڨيبة مما دفعهم إلى تغيير وجهة المسيرة والسير نحو شارع الحبيب ثامر و باب الخضراء.

ومن جهة أخرى عاين فريق البحث الميداني لجمعية تقاطع وجود تعزيزات أمنية كبيرة [7]بشارع الحبيب بورقيبة وشارع الحبيب ثامر مع عدد كثيف من المدرعات والشاحنات المجهزة بخراطيم المياه وعدد مكثف من الدرجات النارية التي كانت تتجول بين المتظاهرين وتراقب تحركاتهم.

وحول عدد المشاركين في التجمعات من جهتها قامت وزارة الداخلية بتنزيل بيان [8]في الغرض مؤكدة أن عدد المشاركين كان بين 900 وألف نفرا في الشارع الرئيسي للعاصمة في حين أن مقاطع الفيديو [9] والبث المباشر للقنوات التلفزية التي قامت بتغطية كامل احتجاجات يوم 14 جانفي تؤكد عدم دقه الأرقام التي ذكرتها وزارة الداخلية. خاصة مع توافد المحتجين على الساعة الثانية عشر من جهة شارع روما وصولا إلى شارع الحبيب بورڨيبة والتجمع هناك بعد أن تم منعهم من المرور في بداية الأمر بسبب عدم الترخيص لهم من أجل التواجد في شارع الحبيب بورڨيبة.

هذا إلى جانب رصد اعتداءات بالعنف [10]على النشطاء الذين كانوا متواجدين في التجمع أمام البنك المركزي حيث عبر الناشط السياسي ‘’ وائل نوار’’ في شهادته لجمعية تقاطع انه وقع منعهم من التظاهر أمام باب مقر البنك المركزي ومحاولة إبعادهم باستعمال العنف علاوة على تهديدهم برش الغاز ومحاولة إيقاف عدد منهم في حال لم يمتثلوا إلى أوامر رجال الشرطة.

وشهد يوم 14 جانفي حضور عدد هام من الصحفيين[11] المتواجدين من أجل التنديد بالمرسوم عدد 54[12] واحتجاجا على الممارسات القمعية والتضييقيات التي تسلطها السلطة السياسية على حرية الصحافة. إضافة إلى تواجد عدد هام من الصحفيين الميدانيين لتغطية كامل فعاليات الاحتجاجات بشارع الحبيب بورڨيبة ولم تقم جمعية تقاطع في رصدها الميداني بتوثيق أي انتهاك أو منع من العمل وقع تسليطه على الصحفيين من قبل القوات الأمنية وهو ما أكدته الصحفية ”غاية بن مبارك” [13]في شهادتها لجمعية تقاطع حيث صرحت أنها مارست عملها الصحفي هي وعدد من الصحفيين المتواجدين معها بكل سلاسة في شارع الحبيب بورڨيبة دون حصول أي عرقلة أو تسليط أعمال عنف ضدهم.

كما أكد عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان [14]”حمدي بالوافي” في شهادته لجمعية تقاطع أنه لم تقع أي أعمال عنف بشارع الحبيب بورڨيبة ولكن تم حرمان بعض المتظاهرين من الالتحاق بالمسيرات وأماكن التجمعات وسط العاصمة. وهو ما يعتبر انتهاكا للحق في التجمع السلمي إذ انه من حق المتظاهرين تنظيـم التجمعـات فـي جميـع الأماكـن التـي يمكـن للجمهـور الوصـول إليهـا أو التـي ينبغـي أن تتـاح لـه إمكانيـة الوصـول إليهـا، دون أن يتم منعهم أو تسليط أي شكل من أشكال القمع والتضييق عليهم بهدف ترهيبهم وتخويفهم.

تعتبر جمعية تقاطع أن [15]الاحتجاج هو انتهاك للحق في حرية التنقل المحمي بالمادة 12 فقرة  أولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي جاء بها ” لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.”.  والحق في التجمع والتظاهر السلمي المذكور في المادة 21 من ‏العهد الدولي الخاص ‏بالحقوق المدنية والسياسية والتي جاء بها ”يكون الحق في التجمع السلمي معترفا ‏به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ‏ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل ‏تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي، أو ‏السلامة العامة، أو النظام العام، أو ‏حماية الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.”، وأن التواجد المبالغ فيه لرجال الشرطة في مكان الاحتجاج والأماكن المجاورة له لا يعد من قبيل حفظ أمن المشاركين في هذه التجمعات إنما هو من باب التضييق عليهم بهدف إثنائهم عن ممارسة حقهم في حرية التعبير والتظاهر علاوة على تعرضهم للاستفزاز والمضايقات المتكررة.

حيث إن هذه الممارسات ليست إلا تكريسا لدولة القمع البوليسي لا دولة الحقوق والحريات التي طالب بها الشعب التونسي في ثورة 17 ديسمبر/ 14 جانفي. وعودة إلى الخلف من خلال مزيد من التضييق على الحريات خاصة حرية التعبير والتظاهر السلمي. وتدين جمعية تقاطع إغلاق قوات الشرطة [16]لجميع منافذ العاصمة وعسكرة الطرقات المؤدية لشارع الحبيب بورقيبة ومنع المواطنين من التجمهر والتظاهر فيه. حيث إن تخصيص بعض الأمتار وإغلاق كل الشوارع والمساحات الأخرى لا يعني أن الدولة تحترم حرية التظاهر السلمي وتسعى إلى ضماناها لكل المواطنين.

مصادر:

[1] موقع بوابة تونس.2023 والي تونس يضبط خارطة مسيرات 14 جانفي. 12 جانفي 2023. أخر ولوج 17 جانفي 2023

https://tunigate.net/posts/%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%8A%D8%B6%D8%A8%D8%B7-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-14-%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%81%D9%8A?fbclid=IwAR0PZV1u90e9naZ7ctwBE10pDtfqo37NeIsD1q8vd5_Px4nsZK76qfqwSoU

[2] قناة الواقع التونسي. تحول رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى منطقتي باب بحر وصلاة الجمعة في جامع الزيتونة.13 جانفي 2023.أخر ولوج 17 جانفي 2023

https://www.youtube.com/watch?v=XW6F27klqnE

[3] قناة الواقع التونسي. أنصار قيس سعيد وجه لوجه مع أنصار جبهة الخلاص والنهضة. مشاهد صادمة وتجاوزات مرفوضة؟ 14 جانفي 2023.أخر ولوج 17 جانفي 2023

https://www.youtube.com/watch?v=DVpODxYkowk

[4] معاينة قام بها فريق البحث الميداني لجمعية تقاطع  ل6 حالات تفتيش بمحطة ساحة الجمهورية مع سؤال الأشخاص عن سبب تواجدهم بالعاصمة يوم 14 جانفي 2023.

[5] مكالمة مع الناشط السياسي وائل نوار بتاريخ 16 جانفي 2023

[6] صورة من وزارة الداخلية تؤكد إغلاق منفذ محمد الخامس و منع المحتجين من الدخول لشارع الحبيب بورڨيبة

https://www.facebook.com/photo?fbid=565930428905934&set=pcb.565931052239205

[7] معاينة قام بها فريق البحث الميداني لجمعية تقاطع.

[8] بيان وزارة الداخلية

https://www.facebook.com/ministere.interieur.tunisie/posts/pfbid02J7oaVYfmrGCh2tCmB7onaCq1Yc4PqjTeHmoZaLyTpsMfTJwrnX3RvB5qMixoAGNDl

[9] مقطع فيديو يوثق قدوم المحتجين من جهة شارع روما ولحاقهم ببقية التجمعات بشارع الحبيب بورڨيبة

https://www.facebook.com/jamel.sbaa/posts/pfbid025g2xyMGN6WNDtjzepSuzsZchXsHurQwCf5r2yF3Kp4BmM3xQ1vP83c8E79rdoSEnl

[10] مقطع فيديو على موقع فايسبوك. لحظة الاعتداء على مجموعة قاوم أمام البنك المركزي.14 جانفي 2023. أخر ولوج 17 جانفي 2023

https://www.facebook.com/naouar.wael/posts/pfbid05PsZnaTt8TRjBohWhGrsY7FSAWHzBjASgKFuJpBMKNknxPE6SCuqXgbEVTrP13UUl

[11] بيان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

https://www.facebook.com/snjt.tunisie/posts/pfbid0qPMAFWLVdQZE9DwxVgJDV6sXh56Vi3B7wusBccwp4VDPMZt8bdHtjqavD6XRPfGcl

[12] مرسوم عدد 54 لسنة 2022 مؤرخ في 13 سبتمبر 2022 يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال

https://legislation-securite.tn/ar/law/105348

[13] مكالمة مع الصحفية غاية بن مبارك بتاريخ 16 جانفي 2023

[14] مكالمة هاتفية بتاريخ 16 جانفي 2023 مع عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ”حمدي بالوافي ”

[15] العربي الجديد.2023 وقفات احتجاجية في ذكرى ثورة تونس والسلطات تحاول إغلاق شارع بورقيبة.14 جانفي 2023. أخر ولوج 17 جانفي 2023

https://www.alaraby.co.uk/politics/%D9%88%D9%82%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84-%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%B9-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D9%82%D9%8A%D8%A8%D8%A9

[16] صورة من صفحة وزارة الداخلية تؤكد تركيز عدد من المدرعات ورجال الشرطة الذين قاموا بإغلاق جزء كبير من شارع الحبيب بورڨيبة

https://www.facebook.com/photo?fbid=565930482239262&set=pcb.565931052239205

شارك: