ملخص:
ضياء حمدي، طالب تونسي وناشط في الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع، تم إيقافه وحجز هاتفه والتحقيق معه على خلفية نشاطه وكتابته لشعارات منددة للإبادة والتطبيع، وبعد تفتيش هاتفه المحمول وعثور الشرطة على صور جرافيتي تعود للرسام “رشاد طمبورة” وعلى خلفية ذلك تم توجيه له تهمه ارتكاب أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية على معنى الفصل 67 من المجلة الجزائية.
معلومات شخصية:
الاسم: ضياء حمدي
الجنسية: تونسية
الصفة: طالب
التهمة: ارتكاب أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية على معنى الفصل 67 من المجلة الجزائية.
أحداث الانتهاك:
في ساعة مبكرة من يوم 21 سبتمبر 2024، تعرض الطالب ضياء حمدي للإيقاف في ولاية صفاقس، حيث تبين أن إيقافه كان على خلفية نشاطه الداعم للقضية الفلسطينية وكتابته لعبارة “قاطع، لا تُمول الإبادة” على لافتات إشهارية. بعد اقتياده إلى مركز الشرطة، تم التحقيق معه، حيث يروي ضحية الانتهاك أن استجوابه تم دون حضور محامٍ، وكانت جلّ الأسئلة حول نشاطه وما يقوم به، وتعرض للضغط والهرسلة من أجل الإجابة عن جميع الأسئلة. علاوة على ذلك، قاموا بتفتيش هاتفه الشخصي الذي بقي محتجزًا لديهم بدعوى مواصلة الأبحاث والتحقق مما يحتويه من وثائق وصور، وفي شهادته لجمعية تقاطع، أضاف ضياء أن غرفته كذلك تعرضت للتفتيش.
مع انتهاء الاختبار الفني للهاتف، الذي عثروا فيه على لقطة شاشة لجدارية رسمها الفنان السجين “رشاد طمبورة”، تم توجيه استدعاء آخر لضحية الانتهاك بتاريخ 16 أكتوبر 2025. وبعد حضوره التحقيق، قال إن الموضوع كان متمحور حول وجود الصورة في هاتفه والغاية من تضمينها به. حيث اتضح فيما بعد أن التهم الموجهة لضياء كانت على أساس الفصل 67 من المجلة الجزائية، والذي يعاقب كل من ارتكب أمراً موحشاً تجاه رئيس الجمهورية، حيث تصل العقوبة إلى مدة ثلاث سنوات من السجن وخطية مالية قدرها 240 دينارًا أو يعاقب بإحداهما. بعد ذلك، بقي ضياء في حالة سراح حيث تم تحديد جلسة بالمحكمة الابتدائية باب بحر بصفاقس بتاريخ 31 أكتوبر 2024.
انتهاكات حقوق الإنسان:
إن إيقاف واستجواب المواطنين، على خلفية نشاطهم السياسي أو الحقوقي أو المدني، يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوقهم المدنية والسياسية. ضمن ذلك، يُعد إيقاف الطالب ضياء حمدي انتهاكًا لحقه في حرية الرأي والتعبير، حيث إن ما قام به يندرج ضمن حقه في التعبير والتظاهر السلمي، وإن ما كتبه هو من قبيل الفعل الاحتجاجي والتعبير عن آرائه بشكل سلمي، وهو حق يضمنه دستور الجمهورية التونسية لسنة 2022 لكافة المواطنين والمواطنات، حيث جاء في الفصل 42 أن “حرية الاجتماع والتظاهر السلميين مضمونة”، علاوة على تضمين هذا الحق صُلب الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تعد تونس طرفًا فيها.
هذا، وأن إعادة استدعائه بعد إطلاق سراحه واستجوابه على إثر العثور على لقطة شاشة لجدارية رشاد طمبورة وتكييفها على أنها جريمة تتمثل في ارتكاب أمر موحش تجاه رئيس الجمهورية على معنى الفصل 67 من المجلة الجزائية يُعد انتهاكًا لحقه في حرية التعبير، وخرقًا للمادة 19 من الإعلان العالمي، الذي ينص على أنه “لكلِّ شخص حقُّ التمتع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
فضلًا عن تعارض هذه الأعمال مع التعليق العام رقم 34 لسنة 2011 للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، والذي أوضح أن الفقرة 2 من المادة 19 المذكورة أعلاه “نصت على حماية جميع أشكال التعبير ووسائل نشرها. وتشمل هذه الأشكال اللغة المنطوقة والمكتوبة ولغة الإشارة والتعبير بلغة غير لفظية، مثل الصور والقطع الفنية. وتشمل وسائل التعبير الكتب والصحف والمنشورات والملصقات واللافتات والملابس والوثائق القانونية، وتشمل كذلك جميع الأشكال السمعية والبصرية فضلًا عن طرائق التعبير الإلكترونية والشبكية”.
كذلك، بما أن تونس عضو في الاتحاد الإفريقي، فهي مُلزمة باحترام ما ينص عليه الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في الفقرة 2 من المادة 9 على أنه “يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها في إطار القوانين واللوائح”. أما على المستوى الوطني، فـحريّة الرّأي والفكر والتّعبير والإعلام والنّشر مضمونة”.
إلى جانب هذه الانتهاكات، فإن إيقاف الطالب ضياء والتحقيق مع ضحية الانتهاك وسماعه دون حضور محامٍ يمثل انتهاكًا لحقوق الأشخاص المحتفظ بهم التي يتضمنها القانون عدد 5 لسنة 2016 المؤرخ في 16 فيفري 2016، المتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية، والذي ينص صراحةً في فصله 13 سابعًا على أن “لذي الشبهة في غير حالة الاحتفاظ من طرف مأموري الضابطة العدلية […] أن يختار محاميًا للحضور معه ساعة سماعه أو مكافحته بغيره”.
إن ارتفاع مثل هذا النوع من الإيقافات وتزايد مثل هذه المحاكمات وانتشار التهم التي تستهدف الأشخاص تبعًا لآرائهم ونشاطهم المدني لا يعكس سوى ارتفاع منسوب أعمال القمع والتضييق على الحريات في تونس، وإقدام الدولة على محاصرة الفضاء العام وإضفاء مزيد من الرقابة على الحريات. فالمجتمعات الديمقراطية والدول التي تحترم حقوق الإنسان وتسعى لضمانها لا تُبنى بمصادرة آراء مواطنيها والزج بهم في السجون، وقمع الحريات، وترصّد جميع الأصوات الناقدة من مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان ونشطاء ومواطنين ومواطنات من فئات مختلفة، ومحاولة إخمادها.

شارك: